بعد طول انتظار ومخاض صعب، وُلدت الحكومة. إلا أن اللافت كان تصريح رئيسها ميقاتي، بعد التأليف، مصحوبًا بدموع حارة، أرجو أن تكون دموع التوبة، على ما اقترفته أيادي السياسيين في هذا البلد.
ما هو مطلوب من الحكومة اليوم؟ بادئ ذي بدء، عليها أن تعالج أمور الناس اليومية، من دواء ومحروقات وكهرباء ومواد غذائية، بالإضافة إلى الطبابة والأمن الإجتماعي، واسترجاع حقوق المودعين.
كما أن على عاتقها إعادة الثقة بالدولة لدى الجهات والدول الخارجيّة، والمانحة. أمّا على المستوى الداخلي، فإعادة الثقة، لدى فئات كبيرة من اللبنانيين، ولا سيما الشباب، الذين فقدوا ثقتهم الكاملة بالدولة والمسؤولين فيها، والقيّمين على البلاد والعباد.
لا أود الإفراط بالتفاؤل، سيما وأن تجربتنا مع هذه المنظومة فاشلة. لكنّ بعض الأسماء الواردة في متن الوزارة، والذين نعرفهم شخصيًا، توحي بالخير والثقة.
واسمحوا لي في هذا المجال، التنويه، لا على سبيل الحصر، بإسم العميد المتقاعد موريس سليم، الذي عيّن وزيرًا للدفاع الوطني، إنطلاقًا من معرفة شخصيّة، تعود لأكثر من خمسة عشر سنة. أقول بكل ثقة، هنيئًا للجيش وللوطن وللمواطنين، شخصيّة على مثال سليم، تملك كفاءة كبيرة على كافة الصعد والمستويات. كما يمتاز باستقامة الرأي والعقيدة. يملك ثقافة واسعة، وفكرًا نيّرًا، والتزامًا في قضايا الإنسان.
من هنا، إذا كانت شاكلة باقي الوزراء على مثال الوزير موريس سليم، فعندها تفاؤلي بالغد سيكون كبيرًا.
فهنيئًا للبنان والجيش ولبلدة كفرشيما (مسقط رأسه) وعائلة سليم الأحباء، إختياره لهذا المنصب الحسّاس.
ندائي اليوم، إلى رئيس الحكومة والسادة الوزراء، ألاّ يضعوا بيانًا وزاريًا إنشائيًا، ولا يدغدغوا شعور ما تبقّى من أبنائنا في هذا البلد، ومن ثم يخونون الأمانة، كما خانها كثيرون.
كما من الواجب الأخلاقي، ألاّ تكون الطائفية، المعشعشة في النّفوس والنّصوص، سيدة الأحكام. أنتم مؤتمنون على اللبنانيين. لا تكونوا عبيدًا لدى مرجعياتكم السياسيّة ولا حتى الدينيّة، وإلا سيتقيأكم لبنان واللبنانيّون، ومن خلفهم التاريخ.
لبنان يعاني أزمة هوية وأزمة نظام، وأزمات عديدة. رجاءً حكّموا ضميركم، وأطلقوا يد القضاء في المحاسبة، حتى تستقيم الأمور. فليفهم المسؤولون في لبنان أنهم خدّام للمواطنين، وقد ورد في الإنجيل المقدّس: "مَن كان فيكم كبيراً فليكن للجميع خادمًا"، ولسنا عبيدًا بطّالين عندكم، ومحاسبتكم آتية، سلبًا أو إيجابًا، في الإنتخابات المقبلة.
تحدّيات كثيرة على طاولة مجلس الوزراء، فأرجوك يارب، إمنحهم الهدى لكي يعملوا بضميرٍ حي، لأجل خلاص لبنان، علّه نحافظ على مَن تبقّى من أبنائنا، ونحدّ من الهجرة الجماعية.